ابن من أبناء منزل جميل

     يستقبل ملتقى محجوب بن ميلاد في دورته السّادسة ابنا من أبناء منزل جميل فعلا لا بحكم  السّكنى و العيش والمصاهرة فقط و لكن و ببساطة لأنّها أحبّته.

     إنّه أستاذي الذي ما فتئت أعتز بالتّتلمذ عليه الدكتور عبد الله صوله الذي تخرّج من دار المعلمين العليا فدرس بباجة ثمّ ببنزرت و عندئذ التقيت به فعلّمني وجها آخر مختلف للأدب و الفكر و منهجا مختلفا لتناول المسائل بالنقد و التّمحيص بفكر نقدي لا يعترف إلا بسلطة العقل و المنهج العلمي الصارم في التعامل مع النّص الحضاري و اختبار جمالية النص الأدبي و تذوقه .

     تتلمذنا على يديه و حضرنا  دروسه سنة و نيفا و تشبعت شخصيا بالمادة التي درّسني إياها إلى حدّ التجرؤ على كتابة مقال إلى إحدى المجلات آنذاك بعنوان"رثاء البلدان: الشعراء القيروانيون نموذجا ". و بقيت العلاقة متينة تستطيع أن تقول هي علاقة الأخ الأكبر بإخوته أو الصديق بأصدقائه بل أقول كان لنا مثالا و قدوة و نبراسا فبالرغم من أنه علمنا صرامة المنهج فلم تخل دروسه من أقواس فيها الهزل و تنشيط القريحة و إغناء الوجدان . و في الجامعة كنا نحضر لدروسه التي يقبل عليها الطلبة . فلم يكن يستنكف من أن يقبلنا رغم ضيق المكان و الإزعاج أحيانا .لأننا دائما كنا نجد لديه شيئا جديدا مختلفا عمّا عند أساتذتنا  الذين يدرسوننا نفس المسائل .
        لقد عرفنا على أسماء جديدة ترتبط بالأسلوبية  و الشعرية فلا ننسى شارل بالي و لا ليو سبيتزر و لا ريفاتار و لا رولان بارت و غيرهم كثير و مارسنا معه أبجديات الأسلوبية في التعامل مع النّصوص . و كان ذلك لنا خير معين في القيام بواجبنا و في تذوّق النصوص و استكناه جماليتها الخفية بمناهج كان لأستاذنا ضلع في إرسائها و التعريف بها و اختبار فاعليتها .
       و لذلك نجد له:
 -  مقالة بعنوان" الأسلوبية الذاتية أو النشوئية". في مجلة فصول  مجلة النقد الأدبي المصرية المجلد 5 العدد1 أكتوبر/ نوفمبر/ ديسمبر 1984.
 - نشر  بالإشتراك مع الأساتذة  حمادي صمود و هشام الريفي و محمد قوبعة و محمد لطفي اليوسفي كتاب "دراسات في الشعريّة :الشابي نموذجا" بيت الحكمة تونس 1988.
 - ترجم مع الأستاذ محمد القاضي كتاب" السيرة الذاتية"لجورج ماي و نشر ببيت الحكمة سنة 1992.
 - ناقش أطروحة دكتوراه  ثم نشرها بعنوان" الحجاج في القرآن  من خلال أهمّ خصائصه الأسلوبية " ط منشورات كلية الآداب بمنوبة 2001  و ط دار الفارابي  لبنان 2007.
      و لا أذيع سرا حين أقول إنّ دكتورنا لم يعترض على دعوتنا له في أية مرة بل كنا نجد منه دوما القبول و سعة الصدر و الاستعداد و السعي إلى المجيء إلينا رغم المشاغل و الارتباطات و الالتزامات و لعمري فطبعه الكرم و شيمته دماثة الخلق.
    و لئن برزت ذاتيتي في ما سبق من هذه الكلمة فلا بدّ من أنّ محاضرة أخي و صديقي و أستاذي الدكتور عبد الله صولة"الحجاج و العقلانية"ستعيدني إلى صرامة العقل الذي ساهم في بنائه و تأثيثه و لا يزال ؟؟.
  محاولة بيبليوغرافية عن الدكتور عبد الله صولة و مؤلفاته :( بصدد اإعداد)
1-الكتب=
* العربية:

بالاشتراك:

ترجمة:

*الفرنسية:

2- مقدّمات كتب :

3-المقالات:
* بالعربيّة :

* بالفرنسيّة :

4-محاضرات ضمن ملتقيات و مؤتمرات=

5-الرّسائل:

6ـ دروس =

ما نشر عنه:

 1- كتب
* بالعربيّة:

2-محاضرات عنه :

3 - مقالات صحفيّة:
* بالعربيّة:  

* بالفرنسيّة :

 النّدوات و الملتقيات و المهرجانات المخصصة له :

تأبين=
                             عبد الله صولة: بلاغة الغياب

قد آن لفارس الحجاج أن يترجل
بقلم صابر الحباشة
 

   بمنتهى اللوعة تودّع الجامعة التونسية أحد أبرز أعلامها في البحوث الأسلوبية والحجاج والتداولية والعلوم المعرفية الأستاذ الدكتور عبد الله صولة. وهو  الرجل المحبب من قبل الجميع لطيبته ودماثة خلقه وعلمه الغزير ولعفويته وروحه المرحة الجذلى وعقلانيته التي تتخفى في عاطفة متقدة وحساسية بالغة.

   هذا الرجل الذي عمل عقودا في الجامعة التونسية وتخرّجت على يديه أجيال من الأساتذة، حيث درّس في كلية الآداب بمنوبة / تونس وفي دار المعلمين العليا والمعهد الأعلى للتكوين المستمر وفي بعض الجامعات الخاصة، وغيرها، أجيالا من الطبة الأسلوبية والمناهج الحديثة والأدب العربي واللسانيات.

   ويحتاج الرجل إلى تكريم من أعلى مستوى لأنه كان زاهدا في كل شيء إلا في العلم، ولم يكن ينتصر إلا لقيم العقلانية والعلم والعمق المعرفي. وقد حاولنا أن نتعلم منه وأن نقتفي أثره، ...ولكن شتان بين الأصل والصورة.

   أطروحته عن "الحجاج في القرآن من خلال أهم مظاهره الأسلوبية" (نشرت في تونس 2001 وطبعت ثانية في دار الفارابي ببيروت سنة 2007) تعدّ علامة بارزة على الاجتهاد المنهجي المنضبط، فقد قدّها أستاذنا على طراز الأطروحات العالية الجودة دقة في المنهج ومتعة في القراءة وتجديدا في المحتوى.

   وقد قدم فقيد الجامعة التونسية الأستاذ الدكتور عبد الله صولة عديد الأوراق في سياق تطوير مناهج اللغة العربية التي تواكب التطورات المنهجية التي لا تقف عند حد معين، فقد شارك سنة 2004 في مؤتمر تطوير مناهج اللغة العربية الذي انعقد في البحرين بورقة عنوانها "البلاغة العربية في ثوب عرفاني –  الاستعارة وعلاقتها بالمستوى القاعدي نموذجا" موضحاً أن الاستعارة ضروب من التفكير في الأشياء تفكيراً مجرداً، وهذا ما يسميه لا يكوف بالكفاية التصورية، وتتمثل في قدرة الإنسان على تشكيل البنى الرمزية التي مدارها على المستوى القاعدي الذي تتشكل في الصورة الذهنية. ووقف عند مجموعة من القضايا الرئيسة التي تعزز قيمة الورقة، مثل: نشوء الاستعارة أو التشبيه ودور المستوى القاعدي، حيث هي من القضايا التي تعالجها البلاغة العربية القديمة معالجة منهجية واضحة، تلك التي ترتبط بالألفاظ الاستعارية أو المعجم الاستعارة موضحاً أن مفردات اللغة عند علماء الدلالة العرفانية تنقسم الى ثلاثة مستويات، هي: المستوى الأعلى كالسلاح والحيوان ووسائل النقل، والمستوى القاعدي كالسيف والسهم بالنسبة الى السلاح، والأسد والثعلب بالنسبة الى الحيوان، والسيارات والشاحنات بالنسبة الى وسائل النقل، والمستوى الفرعي أو الأدنى مثل أنواع السيوف وأنواع الأسود وأنواع السيارات. ومن خلال العرض قدم الدكتور عبدالله صولة المستوى القاعدي طرازاً رأسياً، والمستوى القاعدي طرازاً أفقياً مبيناً مع الشواهد والأمثلة ثماني خصائص يراها لايكوف أنها تجعل المستوى القاعدي قابلاً ليكون مخزناً في الذهن، وهي أنه المستوى الأعلى الذي يكون فيه لأفراد المقولة صورة إجمالية مجردة، وهي قريبة وفيها يلتقي أفراد المقولة في صورة ذهنية واحدة توحد بينهم على المستوى القاعدي، وكذلك فإن لفظ المستوى القاعدي هو الذي نطلقه في معظم الأحيان على الأشياء حين نعنيها، كما أن ألفاظ المستوى القاعدي محايدة سياقياً.

   ولم يكن هذا فقط إسهام الفقيد، بل لقد كتب وترجم ونشر بحوثا وكتبا مهمة في الحضارة والأدب واللسانيات، وتشرفتُ بأن كان مناقشا لرسالتي في شهادة الدراسات المعمقة سنة 2003، وكنت أتمنى لو يرأس لجنة مناقشة رسالتي للدكتوراه، ولكن "تجري الرياح بما لا تشتهي السفن". وإنا على فقدك – يا عبدالله –  لمحزونون.

  Partager